ايماً الأبحاث والدراسات تذكر بأن الإنسان يتعلق دائماً بأول تجربة أياً كانت مهنية أجتماعية ترفيهية ، لذلك يوجد آراء وقناعات بين كل البشر مختلفة ولها زمان ومكان وسبب..
لما بدأت بمتابعة كرة القدم كان الحديث كله عن لاعبي الوسط يخص ريكاردو كاكا وتألقه ومهاراته وأرقامه وأخيراً شخصيته الاستثنائية التي تتسم بالهدوء والعقلانية الذي حصل عليها من البيئة القادم منها عائلة غنية تعليم عالي جعلوه كالطالب الدحيح بين طلاب راسبين ، حتى آنشيلوتي لما شاف كاكا لأول مرة قال ما هذا بحق الجحيم لاعب برازيلي بنظارة وشعره على جنب ولابس قميص وبنطلون وكأن الميلان تعاقد مع مدرس دراسات اجتماعية ، وبالنهاية الشخص المهذب ده هو اللي نقل وسط ميلان لمكانة أخرى وقادهم للمجد على مدار 6 سنوات..
طريقة وأسلوب كاكا نقلوا فكر لاعبي الوسط للعصر الحديث اللي نعيشه الأن هو من بدأ فكرة لاعب الوسط الفنان الساحر الحر بكل مكان بالملعب ومن بعده أتى الآخرين لكن ورغم إنه بدأ العصر ألا أنه ليس له شبيه مازال أسلوبه Special وغير قابل للتقليد.
سيعود ريكاردو ويستلم الكرة مثل أي لاعب وسط لكن هنا سترى لاعب يحرك الكرة بسرعة مهما كان وضع فريقه والخصم فيه مساحات مفيش مساحات أنا هراوغ وهحرك الكرة للأمام ومش بس مهارات كاكا أحسن واحد يعمل تويتو ثنائية يعني مع أي زميل جانبه وده لأنه مرن وچوكر جداً بتحركاته بالكرة ، كاكا صنع واستلم الكرة بكل مكان بالطرف الأيسر والأيمن سواء Inside Outside أمام وخلف وسط الخصم أمام منطقة الجزاء بين الخطوط بين الوسط خلف طرف الخصم ، كمية تقاطع رهيبة مع الـ9 لاعيبه اللي معاه بالميدان وده كان سلاحه الأكبر بأنه يربط بين مهاراته الساحرة والجماعية بالأداء.
معرفش حد ملاحظ ده زيي ولا لا بس أنا بشوف كاكا من أمهر اللاعبين في تاريخ الكورة وأمهر واحد بنقطة محددة سأذكرها قريباً ، كلنا نعلم مدى أهمية استخدام القدمين بعملية الدريبلينج لكن كاكا يستخدمها لبناء المراوغة مثلاً واحد لواحد فيقوم محرك الكرة بقدمه اليسرى لجهة اليسار ويذهب لها من جهة اليمين من خلف اللاعب ، هو مش يعكس فقط اتجاه الكرة هو يعكس اتجاهه واتجاه الكرة معاً وبالنهاية يكون هو والكرة مع بعض بالوضعية المثالية لأن المدافع بيبقى تايه أتجه لكاكا ولا للكرة ليتفوق ريكاردو بنسبة 99% أنا شخصياً مش فاكر أني شوفت كاكا حاول يراوغ وفشل.
والغريب دقته وتنوعه يعني يحركها بكعب القدم اليمنى بين أقدام المدافع وبعدين يستلمها بالقدم اليسرى أو مثلاً هو متحرك وفاتح على الطرف وفيه تمريرة بتوصل له فيستلم ويعدل جسده للعمق وبعدين يرمي الكرة بوجه القدم أقصى الطرف ، طب مسألتش نفسك آيه الرابط بين كل ده ؟! أنا هوفر عليك وأقولك أن عالم كرة القدم كله نسي جودة كاكا بالسرعة يا جماعة كاكا من اسرع اللاعبين في التاريخ ده كان ياخد الملعب رايح جاي من الدفاع للهجوم لوحده في عشر ثواني وعمال يراوغ بدريبلينج للكرة خلف اللاعبين في مساحات واسعة وازاي يهدي سرعته فجأة وبعدين يعدي الكرة من خلف المدافع يعني بيعشمه وبعدين يغدر بيه ، وأزاي بيغير من مساره بشكل غير ملحوظ بتغيير تحركه بالكرة ما بين قدمه اليمنى لليسرى أو حتى بنفس القدم يغير زوايا حركته بنسب تبدو غير مرئية مما يفتح له أسلحة لعب أكتر ورؤية أفضل ومجال أوسع للمراوغة وصناعة اللعب.
وهنا أقدر أقولكم أن كاكا هو أفضل لاعب طبق فكرة تحريك الكرة أمامه لمسافات طويلة بالمراوغات ، لا تعلم كيف يفعل ذلك وكأنه يتحول لمحرك نفاث كلما حرك الكرة أمامه ، هدفه التاريخي بمانشستر يونايتد يشهد على ده جداً ويشهد قد آيه هو عارف يتصرف تحت ضغط وبسرعة بيراوغ بدماغه بكتفه بحركة من جسمه مكنش بيتفاهم أبداً ياخد الكرة ويعمل اللي هو عايزه ومش مهتم ولا بقوة خصم ولا بتكتلات دفاعية ، كاكا ميلان لو تواجد بهذا العصر من التكنولوجيا لكسر كل الأرقام القياسية بخصوص عدد المراوغات ، أحرف وأمتع نسخة من لاعب وسط في التاريخ كان يحول الميدان لملعب خماسي.
لسه التميز مكمل مع تفاصيل مهارات كاكا ، لاحظت قدرة غريبة على لمس الكرة كثيراً أثناء التقدم بها بالمساحات الضيقة يحافظ عليها وبنفس الوقت يحافظ على سرعتها وبنفس الوقت يراوغ ويخترق ، مفيش له طريق واضح زي ما قولتلكم بيتحرك في كل سنتيمتر فما بالكم بالمهارات دي هيعمل إيه المدافع قدامه هيعرف يحدد اتجاهه أزاي والفكرة الأصعب أن كاكا مش بس يتحرك في كل مكان وفي كل زاوية لا ده قادر يغير من اتجاه لاتجاه آخر مهما كانت زاوية الكرة مع زاوية جسده تحركات أفقية عمودية قطرية وضمهم كلهم مع بعض في لقطة واحدة عادي ، لذلك أبدع بالأطراف بفكرة آنه يحول للعمق ويسدد من بعيد أو إنه يكمل للطرف ويلعب عرضية ومش كده وبس ده ممكن يعمل الاتنين يكمل للعمق ولا يسدد ليعود للطرف ويلعب العرضية وكل ده بيتم بتحركات بسيطة جداً للكرة نظراً للمرونة والمهارات الغريبة والسرعة والأهم التسارع أزاي بيتحول من السرعة البطيئة للسرعة القصوى في رمشة عين حرفياً.
هنسى تسديداته لا بل فاكرها وبعشقها ، كاكا طبعاً كلنا نعرف أنه يفتح لنفسه الزاوية من كل مكان والكورة معاه عشان يسدد بوجه قدم من الأدق والأجمل في التاريخ لكن مش كده
وبس ، كاكا حول سرعته ومرونته التكتيكية بالملعب فإنه يستغل تحركه بدون كرة ليضع نفسه بمساحة مباشرة للتسديد سواء من قريب أو بعيد عن الـ18 بالاقتراب من منطقة الكرة والتحرك بدونها ليفتح مساحات لنفسه ولفريقه ، يا جماعة كان سابق عصره بسنين ضوئية طبعاً أقصد كاكا الميلان.
كمل تكامله كلاعب وسط بالتمرير البيني خصوصاً الطويل ومين ينسى الأسيست لهدف الظاهرة الأخير بكأس العالم 2006 أزاي كاكا بيمرر الكرة في مسار مختلف عن تمركز المستلم لها ليتحرك للكرة بشكل غير متوقع ومختلف عن رؤية الخصم ، تمريراته الهوائية التوزيعية من منطقة الارتكاز موزع ممتاز للعب ، تمريراته الطويلة الأرضية Throw من تمركزه بالطرف لخلف الدفاع والأجمل منها من أمام الـ18 وأزاي كان يوصل Crosses قصيرة المدى بالدقة والسلاسه دي وكمان Throw في مساحة صغيرة تجعل المهاجم فارغ وحر وعموماً كاكا لاعيب كريم وقت ما يشوف لاعب فاتح يمرر فوراً وقت ما يشوف كثافة بمنطقة الجزاء هيوصل العرضية سواء كان بالطرف أو العمق ، وأخيراً دخوله الـ18 وتسجيله للأهداف بتمركزه أمام الدفاع ببداية حدود الـ18 يعني حتى بمنطقة الجزاء يريد أن يسدد بقوة ومن أمام الخصم ، بكل تفاصيل أداءه هذا الريكاردو أراد الفن والسحر رغم أنه عمره ما بالغ ودايماً كان منطقي بقراراته الميدانية وهذا هو سر النجاح الجمع بين المنطق والفلسفة يا سادة.
وأخيراً كاكا لم يجد ما يريده من بعد الميلان ، الريال خذله ولم يعطيه حقه كواحد من أساطير الكرة مع كامل أحترامي لأوزيل وموهبته ولعبه أساسياً عليه وبالنهاية دي الحياة لازم تضحي بحد على حساب حد تاني ، لكن برده كاكا اتظلم قوي وبشوية قرارات من المدرب كان كمل إبداعه لأن مستواه لم يتراجع أبداً وكان كل ما ينزل الملعب يسحر وبعدين مورينهو يقعده دكة بالمباراة التي تليها ، مع كامل الإحترام لوجه نظر جوزيه فكاكا هو لاعب الوسط الوحيد اللي حقق لقب الهداف لدوري الأبطال ولحد الآن أكثر لاعب وسط ساهم بأهداف بنسخة واحدة بـ16 مساهمة تهديفية بموسم 2006/2007 ، أنت بتتكلم عن ساحر برازيلي قادر يسجل ويصنع بنفس المقدرة ولا يملك أي نقطة ضعف كل الأمور يتميز بها.
كاكا لو كان يمتلك قليلاً من الحظ بمسيرته بعد ميلان لقلته عليه بأنه الأفضل على الإطلاق بالرغم إنه لحد النهاردة محدش قادر يوصل لتأثيره وفعاليته اللي صنعها بدوري أبطال أوروبا مع الميلان.